الحلم سبورت : أطماع “فيفا” التجارية والمالية تقتل كرة القدم؟

انطلقت مسابقة كاس العالم بمشاركة 13 منتخباً عام 1930، فكرة لاقت النجاح الأوسع لنشاط رياضي في العالم، وبات المونديال أهم مسابقة كونية تقام كل أربع سنوات، أمم تتهافت وتتصارع وتتنافس لأجل المجد الذي لا يضاهيه أي شيء وهو الظفر بكأس العالم، إلا أنه مع تطور المسابقة باتت الأطماع التجارية هي الأساس بمعزل عن هوية اللعبة وتنافسيتها، وخصوصاً بعد تسلم السويسري الإيطالي جاني إنفانتينو رئاسة الاتحاد الدولي “فيفا”. 

مونديال قطر الأخير الذي وصف بأنه “أكثر من رائع”، كان النسخة الأخيرة التي تقام فيها المسابقة الأهم في العالم بمشاركة 32 منتخباً، مع قرار رفع عدد المنتخبات الى 48، بالتوازي مع تفريخ مسابقات جديدة مثل دوري أمم أوروبا وكأس العالم للأندية، ما يرفع معدل عدد المباريات الى أكثر من 70 سنوياً لكل لاعب، وذلك سعياً الى زيادة المكاسب المالية بعيداً من المستوى الفني العام ومن دون الاكتراث لصحة اللاعبين وعمرهم الرياضي. 

آخر صيحات الـ”فيفا”، كانت دراسة رفع عدد منتخبات المونديال الى 64 اعتباراً من نسخة 2030 “المئوية”، إذ قالت التقارير أن هذا الأمر لمرة واحدة كاحتفالية مرور قرن كامل على انطلاق كأس العالم. 

وتقام البطولة في المغرب وإسبانيا والبرتغال، على أن تستضيف الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي ثلاث مباريات، وأقيمت النسخة الافتتاحية من المسابقة في أوروغواي. 

وذكر الاتحاد الدولي في بيان إنه سينظر في مقترح لزيادة عدد المشاركين تقدم به عضو بمجلس “فيفا” بصورة عفوية، وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد أوردت أن مندوب أوروغواي إيناسيو ألونسو هو صاحب الفكرة التي قوبلت “بصمت مطبق” من جانب المشاركين. 

ويسترشد “فيفا” بالمنافع المالية والسياسية بقدر ما يسترشد بالمنافع الرياضية، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار بشأن هذه المسألة. وأضافت الصحيفة نقلاً عمن سمّتهم أربعة أشخاص لديهم معرفة مباشرة بالمناقشات، أن “إنفانتينو رئيس “فيفا” وصف المقترح بأنه مثير للاهتمام ويجب تحليله عن كثب”. 

هذا التطور سيزيد من الاعتراضات على سياسة الـ”فيفا” التي دأب عليها بعض الدوريات الكبرى وروابط الأندية واللاعبين، بسبب توجهاته لتوسعة كل البطولات، واستحداث بطولات جديدة، من دون نظر الى الضغط الهائل الذي يقع على اللاعبين بسبب ضغط المباريات. 

كما أن هذا الأمر قد يمثل مزيداً من التحديات اللوجستية والتنظيمية على مستوى البنى التحتية، أقله على الدول المضيفة، إلا أذا كانت الفكرة هي توسيع استضافة دول أميركا الجنوبية الثلاث للحدث، ما يسمح لـ”جمهورية كرة القدم” زيادة استثماراتها في المسابقة وبيع حقوقها الإعلانية والتسويقية والرعائية على نطاق أوسع، ويسهل بالتالي تمويل البطولات التي تتناسل فترة بعد أخرى. 

ويتعاطى إنفانتينو مع اللعبة الشعبية كسلعة، ضارباً كل الأسس التي قامت عليها المسابقة، بالتالي إضعاف مستوياتها الفنية عبر “إشراك الجميع” في المسابقة، من دون الالتفات الى مصالح اللعبة واللاعبين والأندية والجماهير على حد سواء. 

إن السياسة التي تحكم كأس العالم الموسعّة تكشف عن الأولويات المختلفة للدول والاتحادات المتنافسة، ففي أميركا الجنوبية مثلاً، قد يعني زيادة أعداد المشاركين نهاية جولات التصفيات، وهو ما قد يؤثر بدوره على موارد الاتحادات الوطنية التي تتلقى عائدات من تلك المباريات، ومن المتوقع أن يتأهل ما يصل إلى نصف عدد الدول الخمس والخمسين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وفي آسيا وأفريقيا وأوقيانوسيا من المرجح أن يلقى توسيع عدد الأماكن ترحيباً إيجابياً، ومن المرجح أن يشارك عدد من الدول لأول مرة في كأس العالم نتيجة لذلك. 

وصف الروائي بريطاني برايان غلانفيل العظيم، رئيس الـ”فيفا” السابق جوزف سيب بلاتر بأنه رجل لديه 50 فكرة قبل تناول الفطور، وأضاف بحزن: “و51 منها سيئة”. 

وهذا يعني أن إنفانتينو ينبغي أن يدرك ما يفترفه، فأمر زيادة عدد منتخبات المونديال الى 64 لا يتعلق بالعدد فحسب، بل بالتنوع، لكونها أفكار لوجستية سيئة، وأفكار تجارية سيئة، وأفكار مالية كارثية تماماً، بحسب الكاتب الرياضي الإنكليزي مارتن سامويل، مضيفاً: “إن الشيطان يكمن في التفاصيل مع الفيفا”.