التخطي إلى المحتوى

“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات

الحلم نيوز :
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات

#التوقف #الدولي #الأخير #قبل #كأس #العالم #للأندية #أزمات #اللاعبين #بين #مطرقة #الأندية #وسندان #المنتخبات

الحلم نيوز : 
			“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات
الحلم نيوز :
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات


الحلم نيوز :
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات

مع اقتراب التوقف الدولي في يونيو ٢٠٢٥، تدخل الأندية الكبرى في دوامة من التحديات غير المسبوقة، حيث يلوح في الأفق كابوسٌ جديد: ضغوط مُتزايدة واحتمالية تهرُّب لاعبي النخبة من تمثيل منتخباتهم، للحفاظ على لياقتهم قبل انطلاق كأس العالم للأندية المُوسَّع، وخذ ريال مدريد مثالاً: أزماتٌ متشعبة تتفجر مع منتخباتٍ مختلفة تُطالب بنجومه، بينما يُحاول النادي الإسباني حماية أصوله تحت قيادة مدربٍ جديد لم يُكمل بعد خطة فريقه.

حيث تُواجَه البرازيل، التي تستعد لخوض التصفيات المؤهلة لكأس العالم، خطر فقدان فينيسيوس جونيور، وعلى الجانب الآخر، تتوقع فرنسا الصدام مع ريال مدريد إذا تأخر كيلين مبابي عن المشاركة في نصف نهائي أمم أوروبا، خاصةً مع حاجة الأخير إلى وقتٍ لصقل أداءه مع المدرب الجديد، وأمام هذا المشهد المُعقَّد، يقف اللاعبون عند مفترق طرقٍ مصيري: الولاء للوطن الذي منحهم الهوية، أم الوفاء للنادي الذي يملأ جيوبهم بالذهب؟


القنوات الناقلة لمباراة البرازيل ضد الإكوادور في تصفيات كأس العالم 2026
فينيسيوس جونيور – البرازيل – باراجواي (المصدر:Gettyimages)

في مواجهة الزمن

الأندية الأوروبية تُواجَه مُعادلةٍ مستحيلة: كيف تُعدُّ لبطولةٍ عالميةٍ مصيرية مثل كأس العالم للأندية،  بينما نجومها مُوزَّعون بين التصفيات الدولية وبطولاتٍ قارية؟ كيف والجدول الزمني لا يرحم: اللاعبون سيعودون إلى أنديتهم قبل أيام قليلة فقط من انتهاء التوقف الدولي، بينما تنطلق البطولة في  15 يونيو، والفرق المشاركة، مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي، ستكون أمام أيام قليلة فحسب لدمج اللاعبين وتنفيذ خططٍ تكتيكية، بينما يُحاول المدربون تفادي كارثة إصاباتٍ جماعية قد تُنهي أحلام الفريق قبل بدء المنافسة.

والمأساة تتعمق مع الفرق التي يشارك لاعبوها في نصف نهائي بطولة أمم أوروبا (5-4 يونيو)،  لاعبو فرنسا (كيلين مبابي)، وإنجلترا (جود بيلينجهام)، وإسبانيا (رودري) سيعودون إلى أنديتهم قبل أسبوع واحد فقط من المباراة الافتتاحية لكأس العالم للأندية، فكيف سيستعيدون لياقتهم؟ وكيف سيتأقلمون مع التوقيت والمناخ المختلف في الولايات المتحدة؟ والأهم من كل ذلك؛ متى سيحصلون على راحة سلبية هامة جدًا، الأسئلة تُثقل كاهل الأندية، بينما تُصرُّ الفيفا على أن “المواعيد مُحددة ولا مجال للتأجيل”.

أما الوضع أكثر قتامةً بالنسبة لأنديةٍ مثل بايرن ميونخ وباريس سان جيرمان وريال مدريد أيضًا، فيخرج من جوف أن تلك الأندية ستخسر لاعبيها المشاركين في تصفيات كأس العالم أيضًا، هؤلاء اللاعبون، أمثال فينيسيوس جونيور وليونيل ميسي، قد يصلون مباشرةً إلى أمريكا دون تدريبٍ جماعي، وكأنهم يُلقون في المعركة بلا استعداد، النتيجة المُتوقعة: عروضٌ هزيلة، وإصاباتٌ متكررة، وجماهير غاضبة تدفع ثمن فوضى المؤسسات الرياضية.

حتى الأندية “القليلة الحظ” التي لا تشارك في كأس العالم للأندية ليست بمنأى عن الأزمة، فالتوقف الدولي القصير يُجبر الجميع على التعامل مع لاعبين مُنهكين، ومواسمَ مكتظةٍ بالرحلات الجوية والضغوط النفسية، حيث حذرت تقارير نشرها الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين (FIFPro) أن 70% من اللاعبين يعانون من إجهادٍ مزمن بسبب كثرة المباريات، بينما تُصرُّ الاتحادات المحلية على استنزافهم في تصفياتٍ ثانوية لا تُقدم ولا تؤخر.

هنا تقف الأندية الأوروبية على حافةِ منحدرٍ خطير: إما أن تثور ضد هذا النظام المجنون، أو تتحول إلى مجرد “فِرَق استعراضية” في سيركٍ رأسماليٍ لا يعرف سوى لغة الربح، حتى لو كان الثمنُ هو دمارُ اللعبة ذاتها، السؤال الذي يفرض نفسه: هل وصلت كرة القدم إلى نقطة الانهيار؟

لماذا نحن هنا؟ 

قبل أيامٍ من عطلة عيد الفطر الماضي، تواصلتُ مع رئيس التحرير لأسأله عن إمكانية الحصول على إجازة قصيرة خلال أيام العيد، فردَّ بجملة واحدة وصادمة في نفس الوقت: “لا مكان للإجازات في العمل الكروي”، لم أستسغِ الرد، فسألته: “لماذا لا تُوجد إجازات في عالم الصحافة الرياضية، رغم أنها أيامٌ عائلية ومقدسة؟، ليجيبني قائلًا: “ببساطة لأن الكرة لا تعرف عيدًا، المباريات لا تتوقف، والجمهور ينتظر الأخبار على مدار الساعة”، وفي الواقع هو معه كامل الحق، فأين هي الإجازات فعلًا طوال السنة؟

العمل الكروي، رغم سحره الجماهيري، قد يتحول إلى سجنٍ ذهبي يُجبر العاملين فيه على التخلي عن أبسط حقوقهم الإنسانية، بل ويُقدس ثقافة “التضحية” حتى في الأوقات التي يُفترض أن تكون مخصصةً للراحة والاحتفاء، وهذا يقصم ظهور اللاعبين، تحديدًا، قبل الأوان، ولذلك قبل أن نسأل هل يهرب أحدهم من تمثيل المنتخب للبقاء مع النادي، يجب أن نسأل أولًا لماذا يجبر اللاعبين على الاختيار أصلًا؟

لأنه لا يوجد وقت كاف لعمل كل الأشياء، والدليل هو ما يحدث هذا الموسم، ففي العاشر من يونيو، تُعلَن خاتمة تصفيات كأس العالم، لِتُفاجَأ الملاعب بعد أربعة أيامٍ فقط، في الرابع عشر من الشهر نفسه، بانزياح الستار عن أضخم مسرحيات الفيفا الجديدة: كأس العالم للأندية، الذي يمتد حتى الثالث عشر من يوليو، قبل العودة بعد أسبوعين فقط إلى موسم جديد، وكأن النجوم ليسوا إلا مجرد “قطع غيار” في آلةٍ ضخمةٍ تُدار بِفَرضيةٍ واحدة: اِستنزاف كل ذرة طاقة في أجسادهم.

في هذا المشهد، تَتحوَّل الرياضة إلى سِجنٍ طوعي بلا قُضبان: الجماهير تُحيِّي المنتخبات وهي تُناضل في تصفياتٍ قاسية، ثم تَندفِعُ لمُتابعة نجومها أنفسهم في بطولة الأندية، غافلةً عن سؤالٍ محوري: مَن يَجني ثمار هذا الاستنزاف؟ فحين تَصير الرياضة مصنعًا تحت سَطوة الرأسمالية، ويُحوَّل اللاعبون إلى عُملاتٍ استهلاكيةٍ قابلةٍ للاستبدال، لا تَنهار الأجسادُ فحسب، بل تَذبُلُ روحُ اللعبة الجماعية، ما يدخل اللاعبين، الذين هم أساس اللعبة، وباقي المؤسسات التي تعمل في اللعبة، في دائرة تعرف باسم “الاحتراق الوظيفي“.

بالتأكيد سمعت عن تلك الحالة من قبل، بل وعلى الأغلب أنك تعاني من أعراضها أيضًا، فكلنا في الهوا سوا،  إذ تظهر هذه الحالة مع شعور الفرد بالإرهاق المستمر، وفقدان الحماس، وتراجع الإحساس بالإنجاز، وقد يصل الأمر إلى مرحلة يشعر فيها الشخص بالعجز والفراغ، وكأن جهوده لا تُثمر شيئًا ذا قيمة، ومن الأسباب الرئيسية لهذه الحالة “فقدان السيطرة على بيئة العمل”، حيث يُجبر الفرد على تنفيذ مهام لا يملك تأثيرًا حقيقيًّا على قراراتها، مثل تحديد جدول زمني غير واقعي، أو تحميله أعباء تفوق طاقته دون مُراعاة ظروفه.

فعندما يفقد الموظف، اللاعب، القدرة على المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بمهامه أو أولوياته، يبدأ الشعور بالعجز في التسرُّب إليه، ما يحول يُحوّل الوظيفة من مصدر للإلهام إلى عبءٍ يومي. هذا الوضع لا يؤثر فقط في الأداء المهني، بل يمتد إلى الصحة العقلية والجسدية، حيث يُصاب الفرد بحالة من اللامبالاة، أو حتى الاستياء من العمل الذي كان يُشكل جزءًا من هويته، نعم؛ فَاستغلال البشر وتَجريدهم من إنسانيتهم لا يَحتاج قوانينَ صارمة، بل إلى جَدول زمنيّ مَحموم يُمزِّق التركيزَ ويَقتل الشغف، ويَصرف الأنظار عن السؤال الأكبر: مَن يَملك حريته وزمنه في هذا العالم الآلي؟

الخطر الحقيقي يكمن في أن هذه الحالة قد تدخل الفرد في دائرة مُفرغة لا مفر منها: كلما زاد الإرهاق، قلَّت قدرته على المبادرة أو طلب التغيير، ما يُفاقم المشكلة، لذلك، فإن مواجهة الإنهاك الوظيفي يتطلب إعادة النظر في بيئات العمل، مع ضمان منح الأفراد مساحة من الاستقلالية، وتقليل الضغوط غير المُبرَّرة، حتى لا تتحول الوظيفة إلى عامل يُهدد الصحة بدلًا من أن يكون مصدرًا للاستقرار والإنجاز.

عرض هذا المنشور على Instagram

‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎365Scoresarabic‎‏ (@‏‎365scoresarabic‎‏)‎‏

ثورة صامتة

تصريحات رودري، لاعب وسط مانشستر سيتي، مثلت نقطة تحول في النقاش حول كثرة المباريات، حيث أعلن صراحةً أن اللاعبين “قريبون من الإضراب” إذا استمرت اللعبة في الضغط على اللاعبين، وقد جاءت تصريحاته تلك في توقيتٍ حرج، بعد إعلان اليويفا دوري الأبطال بشكله الجديد وكأس العالم للأندية. 

رودري نفسه قد جسد سابقًا معاناة اللاعبين: فقد خاض 63 مباراةً للنادي والمنتخب في موسم 2023-24، وتوج بالفوز بالدوري الإنجليزي ودوري الأبطال، لكن هذا الإنجاز كانت كلفته عالية أيضًا، إذ أُجبر على الغياب عن بداية الموسم الحالي بسبب الإرهاق، ثم أُصيب إصابةً خطيرةً بعد فترة قصيرة من تحذيراته، ما يؤكد الصلة المباشرة بين الضغط المتزايد وتدهور الحالة البدنية والنفسية للاعبين، وهذه الحالة بالطبع ليست فردية، وليست بمعزل عما يحدث، بل تعكس أزمةً منهجيةً تُحذر منها نقابة “فيفبرو” بقوة. 

حيث وصف رئيس النقابة الوضع الحالي بأنه “مجنون”، مشيرًا إلى أن المشكلة تتجاوز الإرهاق الجسدي لتشمل تهديداتٍ للصحة النفسية، خاصةً مع تقليص فترات الراحة بين المواسم،  وقد بدأت النقابة في اتخاذ إجراءات قانونية ضد الفيفا، مستندة في ذلك على الضرر الممتد إلى جميع المستويات، مثل إصابات اللاعبيْن البارزين مثل تير شتيجن وأوديجارد، والتي تُظهر كيف يُهدد الجدول المُكتظ حتى أكثر اللاعبين مهارةً وحرصًا. 


مارتين أوديجارد - أرسنال
مارتين أوديجارد – أرسنال – المصدر: Gettyimages

ليلة نهاية اللعبة

تداعيات هذه الأزمة لا تتوقف عند اللاعبين فقط؛ فالمشجعون أيضًا يدفعون ثمنًا غير مباشر، حيث  أن كثرة المباريات والبطولات حولت الكرة من حدثٍ استثنائي إلى روتينٍ يومي، ما أفقد المباريات قدسيتها وجعلها تبدو كمنتجٍ مُتاحٍ دائمًا، ففقدت قيمتها، والجماهير، التي كانت تنتظر مواجهات دوري الأبطال بلهفة، باتت تشعر بإرهاق الاستهلاك، ولم تعد قادرةً على تمييز الغث من السمين، وهذا التغيير يُنذر بتراجع الاهتمام العالمي باللعبة، خاصةً مع تحول المنافسات إلى سلسلة أحداثٍ متشابهةٍ تفتقر للحماس.  

فهل ما زلتم تتذكرون زمنًا كانت فيه مباراة كرة القدم حدثًا أسبوعيًا مُنتظرًا يُشعل الشغف؟ حين كان انتظار مواجهة كبرى مثل مانشستر يونايتد ضد ليفربول يهزُّ قلوب الجماهير، وحين كان عودة نجمٍ مثل كريستيانو رونالدو تعني وعودًا بأداءٍ استثنائي؟ تلك الأيام تبدو الآن كحكاية من الماضي البعيد، بعدما تحوَّلت كرة القدم اليوم إلى سيلٍ لا يتوقف من الأحداث: مباريات منتصف الأسبوع، بطولاتٌ موسَّعة، مسابقاتٌ جديدة مثل كأس العالم للأندية، حتى صار التقويم أشبه بمقهى قديم ممتلئ بالزبائن، فلا تستطيع تمييز الأصوات المتداخلة. 

وبالطبع هذا التشبع الزمني يمثل أيضًا كارثة مالية تُثقل كاهل المشجعين، حيث أن حقوق البث المُتناثرة بين عشرات المنصات حوّلت متابعة الفريق المفضل إلى لعبة “اشتراكات مركبة”، تُنفق فيها العائلة مئات الدولارات شهريًا لمجرد البقاء على اطّلاع، فيما استبدلت بساطة الماضي، حين كان التلفزيون الأرضي ينقل الحدث للجميع، بـ”عولمةٍ استهلاكية” تخدم جيوب الشركات، لا شغف الجماهير.

أما الجيل الجديد من المشجعين، فالتحدي أمامه أعقد، ففي عصر تُسيطر عليه “اقتصاديات الانتباه”، حيث تتنافس منصات التواصل ومسلسلات البث مع كرة القدم على دقائق الفراغ، أصبح تخصيص 90 دقيقة متواصلة لمتابعة المباراة ضربًا من العبث بالنسبة له، بينما تتحول المباريات إلى خلفيةٍ صامتةٍ بين التغريدات والاجتماعات الافتراضية، مما يُفقد اللعبة قدرتها على صنع ذكرياتٍ جماعيةٍ تبقى في الوجدان.

الربط بين هذه العناصر يُظهر حلقة مفرغة: الضغط على اللاعبين يُنتج أداءً أقل جودةً وإصاباتٍ متكررةً، مما يُقلل من متعة المشاهدين، ويُهدد مستقبل الرياضة ككل، فهل ستستجيب المؤسسات الرياضية قبل فوات الأوان، أم ستستمر في سباقها المحموم وراء الأرباح، حتى لو كان الثمن هو تدمير اللعبة ذاتها؟


الحلم نيوز :
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات

الحلم نيوز :
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات
“التوقف الدولي الأخير قبل كأس العالم للأندية”: أزمات اللاعبين بين مطرقة الأندية وسندان المنتخبات #التوقف #الدولي #الأخير #قبل #كأس #العالم #للأندية #أزمات #اللاعبين #بين #مطرقة #الأندية #وسندان #المنتخبات