الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
الحلم نيوز :
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
#الضربات #الركنية #تحت #المجهر #بين #فلسفة #أرسنال #وفوضى #ريال #مدريد
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
الحلم نيوز :
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
في ظلّ ضوء القمر الاصطناعي لملعب “سانتياجو برنابيو”، حيث تُخيّم أساطير الماضي بظلالها الذهبية، يقف “لوكا مودريتش” و”أنطونيو روديجر” أمام كرةٍ جامحة، يحدقان في الحائط البشري لأرسنال، هنا، حيث تتحول اللحظات إلى ألغاز، والضربات الثابتة إلى اختبارٍ للعقل قبل القوة، تُطرح أسئلةٌ حرجة: هل يمكن لـ”ريال مدريد” أن ينجو من فخاخ “ميكيل أرتيتا” ونيكولاس جوفر المُحكَمة؟ وإذا سقط العملاق الأبيض، فهل ستكون الركلات الثابتة هي “حجر عثرة” جديد يُضاف إلى سجلّه الأوروبي؟
في هذا الحوار مع كريم الشيشيني، الكاتب ومحلل الضربات الثابتة بمجلة “Total Football Analysis”، والخبير التكتيكي الذي يُفكك مباريات كرة القدم كما لو كان يقرأ مخطوطة قديمة، نبحث عن إجاباتٍ بين طيات الأرقام، وخلف ستار التحضيرات، وقبل أن تُعلن صافرة بدء المعركة التاريخية بين أرسنال وريال مدريد في دوري أبطال أوروبا.
تفاصيل هامة
في كل مرة يحسب فيها الحكم ركلة ركنية لأرسنال، يتحرك نيكولاس جوفر، مدرب الضربات الثابتة لأرسنال، بهدوء قرب خط التماس، كقائد خفي ينسق خيوط اللعب، وكأنه المدير الفني الممسك بزمام الأمور، فلا يقتصر دوره على تنظيم وضع الفريق أثناء اللعب فقط، بل يتعداه إلى ضبط لحظات التوتر التي تحمل مصير المباراة، حيث أظهرت الكاميرات، وفي أكثر من موضع، كيف ينظر أرتيتا إلى جوفر في أعقاب كل ضربة ثابتة أيًا ما كان كنهها، مشيرًا له بالتقدم، ومربتًا على ظهره برقة وكأنه يقول: “تلك لحظتك، أنت الأقدر على قيادة السفينة”، هكذا يظهر جوفر، ليس مجرد مساعد فقط، بل ركن أساسي في استراتيجية عمل الفريق، يحمل في صمته حكمة وخبرة تتفجر في اللحظات الحاسمة، كشاعر ينسج أبيات النصر بخيوط من ذهب.
وقد ترك جوفر بصمات مشابهة مع مانشستر سيتي بين عامي 2019 و2021، محولًا الضربات الثابتة إلى لوحات فنية تخطف الأنفاس، ففي موسمه الأول 2019/2020، نجح في خفض نسبة الأهداف التي تسجل في شباك مانشستر سيتي من الكرات الثابتة، من 39% إلى 20%، وفي الموسم الذي تلاه، انخفضت النسبة إلى 16%، مما انعكس بشكل واضح على العدد الإجمالي للأهداف التي تسجل في شباك الفريق، ثم أن تأثيره لم يكن مقتصرًا على الدفاع فحسب، بل امتد إلى الهجوم أيضًا، حيث تصدر مانشستر سيتي قائمة أهداف الدوري الإنجليزي الممتاز من الكرات الثابتة في موسم 2019/2020، واحتل المركز الرابع في الموسم التالي 2020/2021، وبعد ذلك نقل تلك الإنجازات إلى أرسنال بالتبعية.
“كنت أعرف نيكو من قبل، ولذلك طلبت منه أن يأتي لينضم إلى مشروعنا، وهو قرار جيد حقًا، حيث أصبح تأثير قوي حقًا على الفريق”.
ميكيل أرتيتا، المدير الفني لأرسنال.
حيث أشار ديفيد وول، محلل البيانات في”أوبتا”، أن دخول جوفر إلى ملعب “الإمارات”، حول الركلات الركنية إلى سيمفونية من الأهداف التي يعزفها الفريق ببراعة، حيث بلغ مجموع أهدافهم حوالي 49 هدفًا، أي بمعدل هدف واحد من كل 16.4 ركلة ركنية، ما يعادل نسبة 6%، في حين أن المباريات الـ 111 التي سبقت تعيينه، سجل فيها الفريق هدفًا واحدًا فقط من كل 32 ركلة ركنية، وكأنه أضاف إلى الفريق عصا سحرية تحول الفرص العابرة إلى نقاط مضيئة على لوحة النتائج. وبالمقارنة، ففي موسم 2020/2021، لم يسجل الفريق سوى ستة أهداف فقط الضربات الثابتة، وكانت هذه الأهداف تمثل نسبة متواضعة تبلغ 11% فقط من إجمالي أهداف الفريق، وكأنها شموع خافتة في ظلام الأداء الهجومي.
ولكن مع وصول جوفر، تحولت تلك الشموع الخافتة إلى أضواء ساطعة، ففي عامه الأول، قفزت نسبة الأهداف المسجلة من الكرات الثابتة إلى 26%، وكأنه أضاف إلى الفريق لمسة سحرية حوّلت الفرص الضائعة إلى كنوز ثمينة، ولذلك فلم يكن من المفاجئ أن يصبح أرسنال أكثر فريق يسجل أهدافًا من الركلات الركنية في موسم واحد في تاريخ الدوري الإنجليزي بـ 16 هدفًا كاملًا في موسم 2023/2024، وهكذا، أصبحت الركلات الركنية تحت إشراف جوفر ليست مجرد كرات عابرة، بل فرصًا ذهبية تُحسب بدقة، وتُسجل ببراعة.
If you are a Premier League club, you need to work on your set pieces and/or hire a set-piece specialist.
Goals per 100 corners in the Premier League since 2007-08 📈📈📈 pic.twitter.com/AV27a6dfPV
— Ahmed Walid (@Walid_4) April 28, 2024
القائم البعيد.. قريب من أرسنال
حسنًا، هنا تكمن الأزمة، ليست أزمة أرسنال بالطبع، بل أزمة ريال مدريد، الذي يقف على أعتاب مواجهة مصيرية مع أرسنال في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، ريال مدريد، ذلك العملاق الذي تحول إلى واحد من أسوأ الفرق الأوروبية في مواجهة الضربات الثابتة والركلات الركنية، حيث اخترقت شباكه ثمانية أهداف من ركلات ركنية، بينما يعاني هو نفسه من عجز في تحويل هذه الفرص إلى أهداف.
خاصة بعد رحيل توني كروس عن الساحة، واختيار طاقم أنشيلوتي لرودريجو كمنفذ بديل للضربات الثابتة، وهنا يطفو السؤال على السطح: ما الذي جعل ريال مدريد سيئًا إلى هذا الحد في التعامل مع الضربات الثابتة؟ وهل يتمكن أرسنال من استغلال تفوقه في الضربات الثابتة دفاعًا وهجومًا لحسم اللقاء؟
كريم: يجب أن نعلم ثغرات ريال مدريد في الضربات الثابتة مستمرة منذ الموسم الماضي، إذ يخصص عادةً 6 لاعبين للتصدي للركنيات، خمسة منهم يصطفون على مقربة من المرمى، كما هو موضح بالصورة أدناه، ولاعب واحد يقف على مقربة من القائم القريب، وعادةً ما يطلبون أيضًا من آخر مُدافع، جود بيلينجهام في هذه الحالة، الوقوف في عمق خط الست ياردات، وفوقه مباشرةً، يضعون ثلاثة مُدافعين حول نقطة الجزاء تكون مهمتهم هي التصدي وإبطاء حركة ثلاثة من مهاجمي الخصم قبل الوصول إلى خط المرمى، ونادرًا ما يُخصص أحدهم لمراقبة لاعب مُعين في المواجهات الهوائية، بعد ذلك، يُخصصون لاعبًا على حافة منطقة الجزاء للحصول على الكرة الثانية، وبدء الهجوم المُرتد بعد ذلك.
في الصورة التالية، تبدو الاستراتيجية واضحة أكثر؛ حيث يطلب من الخط الدفاعي التوجه أكثر نحو الخارج، وذلك لأن العرضية تلعب مقوسة، بينما يُوجَّه بيلينجهام ليتقدم قليلاً نحو الداخل، وكأنه قطعة في لوحة شطرنج تُحرك بدقة لتحقيق التوازن.
- وهل تكررت نفس الحالة في المواسم الماضية؟
كريم: نعم؛ لقد تكررت تلك الحالة كثيرًا، ومنذ الموسم الماضي، حتى أنها ظهرت كثيرًا في آخر مباريات مدريد ضد بايرن ميونخ الموسم الماضي، ففي الصورة التالية، تظهر خطة ريال مدريد بوضوح: ستة مدافعين في الـ ZONAL MARKING، وثلاثة لاعبين مهمتهم التصدي للاعبين المنطلقين وتبطيء حركتهم، وأيضًا فينيسيوس جونيور يقف حارسًا على حافة منطقة الجزاء.
الأسماء هنا تهم، لذا دعونا نمر على اللاعبين بالترتيب من جهة القائم القريب: داني كارفاخال، فيديريكو فالفيردي، إدواردو كامافينجا أو أوريلين تشواميني، أنطونيو روديجر، وناتشو أو إيدر ميليتاو، وجود بيلينجهام، وقد يتبادل روديجر وبيلينجهام المواقع وفقًا لتوقع اللعبة، سواءٌ كانت على القائم القريب أو البعيد، أمامهم ثلاثة لاعبين، فيرلاند ميندي، وبراهيم دياز، ولوكا مودريتش، الذين قد يحل محلهم رودريجو وكيليان مبابي في الموسم الحالي وحسب التشكيل الأساسي، ولذلك، عادةً ما يُعين اللاعب الأضعف في المواجهات الهوائية لحراسة القائم البعيد؛ حيث كانت مهمة توني كروس في السابق، أما الآن فتُسند إلى بيلينجهام أو فران جارسيا، من هنا، ندرك أن المدافع الأخير في الخط الأخير هو الأقل مهارة في المواجهات الهوائية بين حراس منطقة الست ياردات، مما يجعله النقطة الأكثر هشاشة.
تنويه: نحن نعلم أن بيلينجهام، تحديدًا، ليس لاعبًا سيئًا في الكرات الهوائية، بل هو لاعب طويل يسجل أهدافًا كثيرة بالرأس، لكنه يظل اللاعب الأقل فعالية في الخط المنطقي عند حراسة منطقة الست ياردات، خاصة من الناحية الدفاعية، التي تتطلب عدوانية أكبر ودقة في توقيت القفز وقياس مسار الكرة.
- حسنًا، وماذا يترتب على ذلك؟
كريم: يترتب على ذلك مشكلة أخرى ألا وهي “الترحيل”، التي يبرع فيها لاعبو الخصم عادة، وبسرعة شديدة لوضع الضغط على القائم البعيد، ودعنا نأخذ نفس المثال السابق، ثم انظر إلى الصورة القادمة لتجد الآتي: يُوجه لاعبين بايرن ميونخ المحددين باللون الأصفر للاندفاع نحو القائم القريب، مما يجبر لاعبين من ريال مدريد على الاندفاع معهم نحو تلك الجهة، ثم يُطلب من المهاجمين القريبين من المرمى تنفيذ مهمتين:
- اللاعب المحدد باللون الأخضر يلعب دور الحاجز أمام الحارس، مانعًا إياه من الوصول إلى الكرة.
- بينما اللاعب المحدد باللون البرتقالي يتصدى لروديجر، المدافع المركزي، ليمنعه من العودة إلى موقعه مرةً أخرى.
ليجد لوكا مودريتش نفسه في النهاية وحيدًا في مواجهة ثلاثة لاعبين من الخصم على القائم البعيد، وحتى لو ضُربت الكرة بقوة خفيفة، أو شُتتت ستجد نفسها تهبط في الفراغ الكبير بين المدافعين قرب المرمى، نتيجة التحول الذي فتح ثغرة واسعة، نعم؛ فهذا التكديس الذي نفذه بايرن ميونخ في المنطقة، كما يظهر في الصورة التالية، خلق فرصة خطيرة تحولت بعد ثانية واحدة إلى لحظة أشد إثارة بعد انطلاق الكرة لتصطدم بالعارضة، وكأنها صرخة إنذار تدوي في سماء المرمى.
- حسنًا، نقطة البدنيات والخشونة أثناء الالتحامات نقطة هامة جدًا، خاصة وأنها ملاحظة عامة على الفريق، وحتى إن استبدل مودريتش بأي لاعب آخر، ستظل هناك ثغرة في هذا المكان.. هل هذا صحيح؟
كريم: بالطبع، والدليل في نفس الحالة السابقة، حيث يُطلب من المهاجمين الحرين خلف خط الدفاع حجز الحارس وناتشو، بينما يندفع المهاجمان الرئيسيان نحو القائم القريب، تاركين اللاعبين المحددين باللون الأصفر في موقف حر، أحدهما يقف بلا رقيب على الحافة البعيدة لمنطقة الست ياردات، بينما يُفترض أن يتصدى له بيلينجهام، في محاولة لسد الفجوة التي قد تؤدي إلى كارثة، ولكن يبدو أن بيلينجهام، أو جميع اللاعبين، ليسوا مدافعين أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في التصدي للمهاجمين أو تتبعهم بتركيز ويقظة، مما يترك المهاجم في وضع حر، كما واجه بيلينجهام وتوني كروس، اللاعب الأقرب للقائم القريب، معضلة خطيرة في التوجيه، حيث يعجزون عادةً عن تتبع الكرة والمهاجمين في آن واحد، وعادة ما يختارون تتبع الكرة أيضًا، مما يفقدهم الاتصال بالمهاجمين، ويعزز تسللهم في المنطقة العمياء، مما يعني فرصة خطيرة.
هجمة مرتدة
في عالم كرة القدم، حيث تتحول اللحظات من الدفاع إلى الهجوم في غمضة عين، يفضل اللاعبون المكلفون بالمراقبة الفردية أن يكونوا جنودًا في الهجمات المرتدة، فهم لا يكتفون بحراسة مرماهم فقط، بل يتحولون إلى صواعق سريعة تنطلق عند أول فرصة للتحول من الدفاع إلى هجوم، وبلمسة واحدة فقط، يتحول المدافع إلى مهاجم، مستغلًا سرعته ومهارته في التمرير لخلق فرص سريعة تزلزل دفاعات الخصم، لكن هذه الاستراتيجية، رغم جمالها، تحمل في طياتها خطرًا؛ إذ قد تترك الفجوات مفتوحة كأبواب خيبر للعدو إذا لم تُنفذ بدقة وحرفية، وهكذا، يصبح المدافع ليس فقط حاميًا للمرمى، بل مهندسًا للانتصارات، يحمل في قدميه سرعة البرق، وفي عقله حكمة اللحظة المناسبة للانطلاق.
ولكن في حالة ريال مدريد السابقة، تظهر هنا مشكلة أخرى خطيرة مرتبطة بهذا النهج: فلاعبون مثل كيليان مبابي، رودريجو، أو فينيسيوس جونيور غالبًا ما يُستخدمون كحاجزين (بلوكرز)، لأنهم يفضلون عدم الالتصاق بالمدافع لفترات طويلة، حيث تتلهف أنظارهم نحو الهجمات المرتدة، هذا التطلع يجعلهم يتركون المدافعين مبكرًا وينطلقون كالريح نحو الأمام، مستعدون لتحويل حالة الدفاع إلى حالة من هجوم السريع والضاري، ولذلك فلنعد إلى كريم ونسأل: كيف يحدث ذلك؟
كريم: إليك مثالاً واضحًا يظهر تلك الحالة، في الصورة أدناه، بينما يقف تيبو كورتوا كحارس للمرمى، يتحرك المهاجمان المحددان باللون الأصفر نحو المنطقة المعتادة بالقائم البعيد، أحدهما أمام بيلينجهام والآخر خلفه، أحدهما يكون في وضع حر بسبب موقعه القريب من خط الدفاع، بينما الآخر يجد نفسه حرًا لأن اللاعبين المكلفين بالتصدي له ينتظرون بشكل أفقي، بينما يتجه المهاجمون الثلاثة كالسهام نحو القائم البعيد. كل هذه التفاصيل تبدو جزءًا من اللعبة المعتادة، لكننا نريد أن نلفت انتباهك إلى المحددين باللون الأزرق، رودريجو ومبابي، اللذين يقفان كحائط صد أمام المهاجمين، وهو أمر جيد
الأزمة فقط تظهر لأنهم قاموا بالتخلي عن مراقبتهم مبكرًا، في لحظة تحمل في طياتها خطرًا داهمًا، بينما يتأخر بيلينجهام في الوصول إلى تلك المنطقة بسبب موقعه الأولي الذي شرحناه مسبقًا. هكذا، تتحول تلك اللحظة إلى معضلة تكتيكية أخرى، حيث يترك مهاجمي الخصم أحرارًا كالطيور التي انطلقت من قفصها، بينما يحاول بيلينجهام، بكل ما أوتي من سرعة، تعويض التأخير الناتج عن موقعه البعيد.
وتكتمل اللقطة باستحواذ أحد المهاجمين على الكرة ويسجل الهدف الأول في شباك ريال مدريد، بينما لا يزال مبابي يخطو للأمام استعدادًا للهجوم المرتد.
- ولكن، هل تلك هي أزمة مبابي وحده؟
كريم: لا، ففي الموسم الماضي، استخدم برشلونة تكتيكًا مشابهًا وبلمسة بسيطة وذكية، حيث أرسل اللاعب الكرة “بالونة” نحو أندرياس كريستنسن، الذي بدأ في وضع حر عند الحافة البعيدة لمنطقة الست ياردات، وفي نفس اللحظة، قام لاعب بإلهاء الحارس، بينما قام لاعبين من برشلونة بتحرك وهمي نحو القائم القريب، مما حلحل خط الدفاع بالطريقة المطلوبة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل استخدموا الكرة القصيرة لسحب فينيسيوس جونيور، مما جعل اللاعبين المكلفين بالدفاع في حيرة من أمرهم بشأن حافة منطقة الجزاء، كما يظهر في الصورة أدناه.
نجحت الخطة ببراعة، حيث قفز كريستنسن من النقطة العمياء لتوني كروس، بينما كان الحارس مشتتًا، ولم يكن لديه الوقت الكافي لاعتراض الكرة العائمة التي انطلقت كالحلم نحو الشباك، كما يظهر في الصورتين أدناه. وهكذا، تحولت اللحظة إلى مشهد سينمائي، حيث كل حركة كانت محسوبة بدقة، وكل لاعب أدى دوره ببراعة، لتنتهي الكرة في شباك مدريد، بعد ثغرة تكررت بشكل ثابت طوال الموسمين الماضيين، ولا زالت تسبب أرقًا للنادي، وللجماهير.
- حسنا، هل هناك أي قضية أخرى تريد التركيز عليها؟
كريم: نعم، أريد تسليط الضوء على قضية بسيطة ولكنها مؤثرة للغاية، فعندما يغيب داني كارفاخال عن التشكيلة، يعوض بلوكاس فاسكيز، الذي يواجه صعوبة في تقدير مسار الكرات الهوائية وقد ينطلق بسرعة، مما يترك منطقة الهبوط خلفه مكشوفة بسبب أي حركة وهمية من الخصم، وهي أزمة لن تحل إلا في حالة تحرك مدافع بالقرب من القائم القريب دائمًا لتغطية هذه الفجوة، كحارس يقظ يحمي المنطقة من أي خطر محتمل.
في هذا التحليل التكتيكي لريال مدريد، كشفنا النقاب عن نقاط ضعف محتملة في نظام الفريق أثناء الدفاع عن الركلات الركنية، ثغرات لم تُستغل بعد بالشكل الكافي. نرى أن هذه الثغرات واضحة وبسيطة لدرجة أنها قد تكون مرت دون أن يلاحظها الكثيرون، ولكن في حالة المواجهة مع أرسنال، فالأمر مختلف، خاصة وأنك أصبحت تعرف بعد المقدمة الطويلة عن جوفر، أن أرسنال يمتلك مدرب كرات ثابتة من بين الصفوة في العالم، وبالتأكيد، يعرف من أين تؤكل الكتف، فهل يكون مفتاح المباراة لدى نيكولاس جوفر وحده؟ وكيف يستغل أرسنال أزمات ريال مدريد المذكورة؟
ضربات أرسنال الركنية
- لماذا يفضل أرسنال الإلتزام بمبادئ ثابتة في الضربات الثابتة بدلاً من ابتكار خطط جديدة في كل مباراة؟
كريم: لقد اتفقنا سابقًا على أن كل لاعب لديه دور محدد، يفهم متى وكيف ولماذا ينفذه، بعد تحليل تكتيكي دقيق لقدرات الفريق وتكتيكات الدفاع الخصم، مما ينتج عنه روتين متماسك وشامل. لكن فرقًا مثل أرسنال، وهي النموذج الأبرز، أثبتت أن تبني خطط مختلفة كليًا في كل مباراة ليس الحل الأمثل، خاصة عند تغييرها مجددًا في المباراة التالية، وبدلًا من ذلك، يفضلون أن تنبثق جميع خططهم من مبادئ أساسية موحدة، عندما تشاهد أرسنال، ستلاحظ أن كل فرصة أو هدف من ركنية يحمل نفس البصمة، كأنها تنبع من روح واحدة. هذا هو جوهر ما نعنيه: جميع خططهم تنطلق من مفاهيم أساسية محدودة، مما يجعلها أسهل في الشرح والفهم التطبيق العملي.
قد يبدو الحديث عن هذه المبادئ غامضًا بعض الشيء الآن، لكن الصورة ستتضح تمامًا عند استعراض المثال التالي، هذا المثال سيوضح كيف أن تدريب اللاعبين على هذه المبادئ البسيطة في فترة ما قبل الموسم يؤدي إلى نتائج ممتازة، ففي الصورة أدناه، يمكنك التعرف على أن هذا هو أرسنال حتى لو أخفينا ألوان القمصان، وذلك بسبب هذه التفصيلة الشهيرة خلف القائم البعيد.
- لكن ما الفائدة من ترتيب اللاعبين بهذا الشكل خلف القائم البعيد؟
- كريم: يقف اللاعبون في المنطقة العمياء لمدافعي المنطقة (المشار إليها باللون الأخضر) مما يخلق للمدافعين مشكلة في التوجيه، حيث لا يستطيعون متابعة المهاجمين والكرة في نفس الوقت ،كما أنهم لا يعرفون ما يحدث خلفهم، نفس مشكلة التوجيه تلك تظهر أيضًا عند النظر إلى لاعبي المراقبة داخل المنطقة، حيث يواجهون نفس المعضلة: متابعة الكرة أم المهاجم؟ وفي النهاية، يديرون ظهورهم للكرة، مما يفقدهم الاتصال بها.
وهنا أيضًا أريد التركيز على الثابت الثاني في المعادلة: اللاعب الرائع جابرييل ماجالهايس وموقعه البدائي الدائم قرب نقطة الجزاء، ففي هذه الحالة، يكون هدفه التوجه نحو القائم البعيد، وهذا الموقع الاستراتيجي بالطبع ليس مجرد صدفة، بل جزء من فلسفة ثابتة تنطلق من فهم عميق لتحركات الخصم ونقاط ضعفه.
- حسنا، وما هو دور كل فرد في المنظومة؟
- كريم: في قلب هذه الكتيبة الهجومية المكونة من خمسة لاعبين، تتكشف أدوار متناغمة مع بعض التعديلات الطفيفة في الأفراد:
- ويليام ساليبا (بالأزرق الفاتح) يتسلل إلى المنطقة العمياء لحارس المرمى، مستغلاً انشغاله بحركة مُنفذ الركلة الركنية.
- الثنائي باللون الوردي (توماس بارتي وبين وايت) ينفذان أبسط الأدوار وأكثرها فاعلية، حيث يندفعان من المناطق العمياء لدفع المدافعين من الخلف، مانعين إياهم من التراجع نحو المنطقة المستهدفة.
- جابرييل مارتينيلي (بالأخضر) يتربص في موقعه، جاهزاً لالتقاط أي كرة تتخطى حابرييل ماجالهايس (بالأصفر).
- وفي اللحظة ذاتها، ينفذ كاي هافرتز (بالأبيض) حركته الذكية: يجذب مراقبه بعيداً عن المنطقة المستهدفة، ثم يثبَّت نفسه عند القائم القريب، جاهزاً لالتقاط أي ارتداد في حال لم يتمكن جابرييل من التسديد مباشرة، أو إذا تصدى الحارس للكرة.
- أما جابرييل ماجالهايس، فيبدأ من موقعه قرب نقطة الجزاء محاكياً حركة خادعة نحو القائم القريب، قبل أن ينطلق فجأة نحو القائم البعيد، في خدعة تكتيكية تترك المدافعين في حيرة من أمرهم.
هذا التناغم الدقيق بين الحركات الفردية والأدوار الجماعية هو ما يحول الركنية من مجرد كرة عابرة إلى سيمفونية تكتيكية محكمة. كل لاعب يعرف دوره بدقة، وكل حركة تُحسب ببراعة، وكل خدعة تخدم الهدف النهائي: اختراق دفاعات الخصم بأقل جهد ممكن وأعلى فاعلية.
- حسنًا، وهل يجبر ذلك التمركز مدافعين أرسنال على ارتكاب الأخطاء.. أم أنهم يقعون فريسةً لـ”هندسة الخداع” التي يصممها نيكولاس جوفر؟
- كريم: بالطبع تجبرهم على الخطأ، فكما يتضح في الصورة أدناه، تُجبر هذه الخدعة المدافع المراقب على اتخاذ قرار مصيري: إما متابعة مسار الكرة أو ملاحقة غابرييل ماغالهايس، وفي هذه الحالة، يختار المدافع مراقبة غابرييل، فيدير ظهره للمرمى، وبالطبع هذه الحركة تخلق له معضلة حرجة، حيث سيضطر في لحظة ما لإلقاء نظرة خاطفة لمعرفة موقع الكرة، وهذه النظرة العابرة تكفي لتقليل قدرته على تتبع غابرييل الذي يعرف الخطة مسبقاً وينطلق دون تردد خاصة وأنه يتمتع بمهارة واضحة في المواجهات الفردية (1 ضد 1)
هذا الموقف يمثل تطبيقاً آخر لنفس مشكلة التوجيه التي يستغلها أرسنال ببراعة، ويكلل موقع جابرييل قرب نقطة الجزاء بالنجاح، فعندما يبدأ جابرييل في الجري لقطع تلك المسافة الطويلة نحو خط الدفاع الثابت، يكتسب زخماً حركياً هائلاً مقابل مدافعي المنطقة الثابتين في مواقعهم، هذا الزخم يمكنه من القفز أعلى بكثير من المدافعين، وهو بالأساس لاعب يتمتع بقدرات قفز استثنائية هذه العوامل مجتمعة تخلق وضعاً مثالياً: مهاجم متحرك بزخم عالٍ، في مواجهة مدافعين ثابتين، مع تفوق واضح في القدرة على القفز.
هذه ليست مجرد خطة مدروسة، بل هي هندسة دقيقة تحول الفارق الحركي البسيط إلى تفوق تكتيكي ساحق، حيث تُترجم المبادئ الفيزيائية إلى أهداف ملموسة على أرض الملعب.
وفي الصورة أدناه أيضًا، يتجلى بوضوح التفوق الحركي لجابرييل ماجالهايس من خلال قفزته الهائلة التي جاءت نتيجة لزخم حركته، ما أدى إلى تسجيل هدف، كما يظهر جلياً مبدأ “تأطير المرمى” الذي ينفذه أرسنال ببراعة: مارتينيلي يتربص في انتظار الكرة في حال تجاوزت جابرييل، بينما يقف المهاجمون الأربعة في خط أفقي داخل منطقة الست ياردات ما يزيد من فرص الحصول على الكرة، خاصة عندما تفشل الكرة في الوصول للاعب المستهدف أو يعجز عن التعامل معها بشكل جيد أو يتصدى الحارس للتسديدة، نعم؛ فما يسميه البعض حظاً هو في الحقيقة تخطيط محكم.
- آخر سؤال: لاحظنا أن جابرييل هو حجر الزاوية في معظم الركنيات، فهل تؤثر إصابته على جودة أرسنال؟
المشكلة هنا أن جابرييل جيد جدًا فيما يفعله، ويستطيع فض نفسه عن أقرب مراقبيه بقوته البدنية، قبل الإنطلاق للقائم البعيد، كما أن لديه ميزات حركية هامة جدًا مثل القفز، ولا يوجد من يضاهيه في تلك القوة البدنية، الأمر الذي يصعب على مدافعي المنطقة مراقبته وهو في وضع حركة، تلك هي مميزات جابرييل، ولذلك فأنا أعتقد أن الأمور ستكون أصعب على أرسنال مع عدم وجوده، خاصة مع الفارق الكبير بينه وبين باقي لاعبي أرسنال، ولذلك يجب على أرتيتا إشراك ميرينو في التشكيلة الأساسية، لأنه اللاعب الأقرب لمميزات جابرييل، وربما يلجأ أرسنال أيضًا إلى إشراك لاعب آخر بجانبه عند نقطة الجزاء، بحيث يحجز المدافع المكلف برقابة ميرينو، ويساعده في الهروب والانطلاق نحو القائم، وفي حال فشل أي من تلك الأفكار، ربما يلجأ جوفر أيضًا إلى خيارات أخرى مثل ضم ميرينو إلى باقي الزملاء والبدء من القائم البعيد، ثم الإنطلاق من الجانب الأعمى لمدافعي مدريد، وربما يأتي جوفر بأفكار أخرى لم تخطر على بالنا نهائيا
لغة الأرقام
في التحليل السابق، غصنا بعيداً عن السطح اللامع للضربات الثابتة، إلى الأعماق حيث تكمن الحقائق الأكثر قسوة وإثارة، ورأينا كيف تختلف المدارس التكتيكية في تعاملها مع هذه اللحظات الحاسمة، وكيف يمكن لفريقين أن ينظرا إلى نفس الموقف نظريتين متباينتين تماماً، واكتشفنا أن ما يبدو للعين العادية مجرد ركلة حرة أو زاوية، هو في الحقيقة عالم كامل من التفاصيل الدقيقة التي تفصل بين النجاح والفشل، لأن كرة القدم الحديثة لم تعد تعترف بالمصادفات، وكل حركة، وكل جرية، وكل تمريرة، هي جزء من لوحة أكبر، والضربات الثابتة هي تلك اللحظات التي يمكن فيها رؤية هذه اللوحة بأوضح صورة، لكن رؤيتها حقاً تتطلب أكثر من مجرد نظرة عابرة، إنها تتطلب فهماً عميقاً لفن الحرب على أرض الملعب، وأيضًا الرجوع للأرقام والإحصائيات بعد ذلك، لنجد الآتي:
الركنيات فى الدوري
- لصالح الفريق:
الفريق | الملعوبة | المسجلة | النسبة |
ريال مدريد | 163 | 4 | هدف/54 ركنية |
ارسنال | 192 | 11 | هدف/17 ركنية |
تظهر هذه الأرقام قصة فريقين يعيشان في عالمين مختلفين: ريال مدريد، الكمّ بلا كيف، حيث حصل 162 ركنية كهدايا ثمينة، سجل منها 4 أهداف فقط (هدف كل 54 ركنية) وكأنهم يصبّون الذهب في منخلٍ مثقوب، أما أرسنال فيتقن فن تحويل النحاس إلى ذهب، حيث حصل على 192 ركنية (30 أكثر من ريال) 11 هدفاً (نسبة هدف كل 17 ركنية) كل 3 ركنيات لهم تساوي تقريباً هدفاً واحداً المفارقة الساخرة: ريال يمتلك أفضل منفذي الركلات، لكنهم كمن يمتلك سكيناً ذهبية ولا يستطيع فتح علبة، بينما أرسنال يحول المسامير إلى تحف فنية!
- ضد الفريق:
الفريق | الملعوبة | المسجلة | النسبة |
ريال مدريد | 125 | 4 | هدف/31 ركنية |
ارسنال | 192 | 4 | هدف/48 ركنية |
وبينما تُقاس عظمة الفرق بهجومها، تُختبر قيمتها الحقيقية في دفاعها، ولذلك فالأرقام السابقة تكشف تناقضًا صارخًا في مواجهة الركلات الركنية: ريال مدريد: قلعة مهزوزة، لعبت ضده 125 ركنية (كثغرات في السور الملكي) 4 أهداف مُنحت (هدف كل 31 ركنية) كأن حائطهم الدفاعي مبني من ورق البردي، أما الذهبي أرسنال، فحصن لا يُخترق، حيث واجه 192 ركنية (زيادة 67 ركنية عن ريال)، وحصل على نفس عدد الأهداف المُسجلة (4)، بنسبة هدف كل 48 ركنية، وكأنه جدار منيع حقاً.
المفارقة المثيرة هنا أنه كلما زادت الركلات ضد أرسنال، زادت صلابتهم! بينما ريال يسجلون “رقمًا قياسيًا” في الهشاشة رغم قلة الكرات التي يتلقونها، وهو ما يظهر في معدل الركنيات الملعوبة لكل 90 دقيقة في الدوري، فيحمل ريال مدريد سيفًا ذا حدين، فحصل على ما معدله، 5.4 ركنية لصالحه كل 90 دقيقة، و4.3 ركنية ضدّه، كل ركنية لهم كقطعة ذهب ضائعة، وكل ركنية ضدهم كقنبلة موقوتة تستعد للإنفجار.
معدل الركنيات الملعوبة كل 90 دقيقة فى الدوري
الفريق | لصالح الفريق | ضد الفريق |
ريال مدريد | 5.4 كل مباراة | 4.3 لكل مباراة |
ارسنال | 6.4 كل مباراة | 2.7 كل مباراة |
أما في المسرح الأوروبي حيث تُصنع الأساطير، تكشف الأرقام أيضًا قصة فريقين يسيران في اتجاهين متعاكسين، حيث كسب ريال مدريد 80 ركنية (كنوز هجومية ثمينة) سجل منها هدفان فقط، ما يعني تبديده لـ 40 ركنية مقابل كل هدف) كمن يمتلك مفتاحًا ذهبيًا لكنه يعجز عن فتح الأبواب، أما فبـ 59 ركنية فقط (أقل بـ 21 من ريال) سجل هدفًا واحدًا، لكن الفارق أن كل ركنية لديهم كطلقة مدروسة حتى وإن لم تسجل فعلًا.
- الركنيات فى دوري ابطال اوروبا:
- لصالح الفريق:
الفريق | الملعوبة | المسجلة | النسبة |
ريال مدريد | 80 | 2 | هدف/40 ركنية |
ارسنال | 59 | 1 | هدف/59 ركنية |
كذلك فمدريد منح خصومه 60 ركنية تلقى منها 4 أهداف (كارثة كل 15 ركنية)، مثل حائط دفاعي ينهار كأوراق الخريف، أما أرسنال فحصن منيع نوعًا ما إذ لعبت ضدهم 36 ركنية فقط (أقل بـ 24 من ريال)، وتلقوا هدفًا واحداً، ما يعني أن الريال يسجل هدفاً كل 40 ركنية (ضعف كفاءة أرسنال نظرياً)، بينما يتلقى هدفاً كل 15 ركنية (ضعف هشاشة أرسنال)، ما يعني أن الصورة الكاملة تفصح عن أن أرسنال يمنح خصومه فرصاً أقل بنسبة 40% ويتعامل معها بكفاءة أعلى. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي جرس إنذار عن أزمة تكتيكية عميقة لمدريد،و دليل على أن كرة القدم الحديثة تُربح بالتفاصيل الدقيقة، فبينما يلهث ريال خلال الأرقام القياسية، يصنع أرسنال تحفته بفرشاة التكتيك الدقيق.
- ضد الفريق:
الفريق | الملعوبة | المسجلة | النسبة |
ريال مدريد | 60 | 4 | هدف/15 ركنية |
ارسنال | 36 | 1 | هدف/36 ركنية |
الحراس التي استقبلت من ركنيات – الدوري و دوري ابطال اوروبا
وهو ما يؤثر على مستوى الحراس أيضًا، فيظهر ديڤيد رايا (أرسنال) كسد منيع تلقى 5 أهداف فقط من الركنيات في 38 مباراة، بمعدل هدف كل 7.6 مباراة، كأنه حارسٌ يقرأ مسار الكرة قبل أن تنطلق أما نسخته الاحتياطية، نيتو، فنظيف تماماً في المباراة الوحيدة التي شارك فيها، ما يثبت أن نظام أرسنال الدفاعي لا يعتمد على الحارس فقط، على العكس من مدريد، حيث يظهر تيبو كورتوا كعملاق يعاني من نقطة ضعف، بعدما تلقى 7 أهداف من الركنيات في 34 مباراة، بمعدل هدف كل 4.8 مباراة، وهو تناقض صارخ مع سمعته كأحد أفضل حراس العالم، أما أندريا لونين، فأداءه أكثر اشراقًا رغم الظروف، حيث تلقى هدفًا واحدًا فقط في 7 مباريات.
- أرسنال:
الحارس | عدد الاهداف من ركنية | عدد المباريات |
ديڤيد رايا | 5 | 38 |
نيتو | 0 | 1 |
- ريال مدريد:
الحارس | عدد الاهداف من ركنية | عدد المباريات |
تييبو كورتوا | 7 | 34 |
أندريا لونين | 1 | 7 |
فيران جونزاليس | 1 | 1 |
بالطبع هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي: شهادة تفوق في التنظيم الدفاعي لأرسنال، وجرس جرس إنذار مدريد، الذي يحتاج لإعادة نظر في التكتيكات الدفاعية، وتأكيد للجماهير على أن المرمى يحميه الفريق أولاً، ثم الحارس في النهاية، بينما يبحث ريال عن حلول، يقدم أرسنال نموذجًا يُحتذى في كيفية تحويل منطقة الجزاء إلى قلعة حصينة. السؤال الآن: هل سيتعلم العملاق من تلميذه النجيب؟
جبل الجليد
لم تعد كرة القدم مجرد صراع بين خطوط دفاع وهجوم، وتحولت تلك اللحظات الساكنة إلى مسرح لأعظم العروض التكتيكية، الضربات الثابتة لم تعد مجرد فرص للتسجيل، بل أصبحت لغزًا معقدًا يحاول كل مدرب فك شفرته، وكل محلل تفسير أبعاده، وكل مشجع أن يجد فيها بصمة فريدة لفريقه، ففي عالم كرة القدم الحديث، حيث تحولت التكتيكات إلى دين جديد، أصبحت الضربات الثابتة بمثابة طقوس مقدسة.
المشاهدون العاديون قد يندهشون لرؤية ضربة ركنية مبتكرة، فيسرعون لمشاركة الفيديو مع أصدقائهم متسائلين: “لماذا لا يحاول فريقنا ذلك؟”، لكن الحقيقة التي تغيب عن كثيرين هي أن هذه اللحظات المبهرة ليست سوى قمة جبل جليدي ضخم، وما تراه العين هو مجرد نتيجة نهائية لعملية معقدة من التحضير والتدريب، حيث تتداخل عوامل لا حصر لها لتحديد نجاح أو فشل أي خطة.
لكن هذا السباق المحموم يحمل في طياته خطرًا كبيرًا: الاعتقاد بأن الابتكار وحده كافٍ للنجاح، في الواقع، كم من الأفكار الرائعة سقطت فشلًا ذريعًا لأنها لم تأخذ في الاعتبار قدرات اللاعبين، أو نقاط قوة الخصم، أو حتى ظروف الملعب والمواجهة؟ الجماهير، في براءتها الجميلة، قد ترى الأمر ببساطة: لماذا لا ننفذ ما ينفذه الآخرون؟ لكن كرة القدم المحترفة ليست لعبة استنساخ، وما ينجح مع فريق قد يكون كارثة مع آخر، والضربة التي تبدو عبقرية في ملعب الإمارات قد تصبح سخيفة في ملعب آخر، ليس لأن الفكرة سيئة، بل لأن كرة القدم هي فن قبل أن تكون علماً، والسياق الذي تُنفذ فيه الخطط لا يقل أهمية عن الخطط نفسها.
بعض المدربين ما زالوا يعتقدون أن السر يكمن في الخدعة الجديدة، في الحركة غير المتوقعة، لكن الحقيقة أن الضربات الثابتة الناجحة هي مثل قصائد الشعر العظيمة: تبدو بسيطة وعفوية، لكنها في الحقيقة نتاج صقل طويل ومعرفة عميقة، فكم من محاولات التقليد السطحية انتهت بإحراج المدربين واللاعبين على السواء؟
الحلم نيوز :
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
الحلم نيوز :
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد
الضربات الركنية تحت المجهر: بين فلسفة أرسنال وفوضى ريال مدريد #الضربات #الركنية #تحت #المجهر #بين #فلسفة #أرسنال #وفوضى #ريال #مدريد