الحلم سبورت : باريس سان جيرمان يخفي عيوب “ليغ 1” المالية!

تبرم الأندية الكبرى في كرة القدم الأوروبية صفقات ضخمة للاستحواذ على ألمع النجوم الشبان في كرة القدم، غذ تتطلع إلى “مصانع النجوم” لتغريمها بالملايين في مقابل الحصول على أسماء واعدة تؤسس حولها تشكيلاتها، وتتبارز بين بعضها لتحصل على تصنيف الأقوى.

لمع أكثر من إسم هذا الموسم في دوري الابطال، أسماء لم تتخط سن العشرين بعد وباتت تطلق عليها أسماء “ميسي الجديد” أو “رونالدو الصغير” وغيرهما من الألقاب، وعلى سبيل المثال لا الحصر ديزيريه دوي نجم باريس سان جيرمان اليافع، فضلاً عن مجموعة جديدة من لاعبي برشلونة خريجي أكاديمية “لا ماسيا” وحتى باير ليفركوزن وغيرها من الأندية التي تعد موطناً لصقل المواهب.

باريس سان جيرمان مستقرّ مالياً منذ سنوات (أ ف ب)

ويبقى الدوري الفرنسي “ليغ 1” الأكثر تصديراً للاعبين الصغار، حتى بات يطلق عليه “دوري المواهب”. وللمفارقة، فإنّ أندية “ليغ 1” تسطر واحداً من أفضل مواسمها في تاريخ البطولات القارية، وتالياً الحصول على ثاني أعلى مجموع نقاط في تصنيف الاتحاد الأوروبي “يويفا” في موسم واحد.

باريس سان جيرمان بات على أعتاب “نهائي ميونيخ”، ويتطلع بقيادة مدربه الإسباني لويس إنريكي إلى تحقيق نتيجة أفضل مما حققه المدرب الألماني توماس توخيل عام 2020 عندما خسر النهائي الأوروبي أمام بايرن ميونيخ، فضلاً عن تألق أولمبيك ليون في الدوري الأوروبي، وبلوغ بريست وليل الأدوار الاقصائية لدوري الأبطال، وتبدو هذه الطفرة مستمرّة مع إنتاج نجوم جدد، فإلى جانب دوي يبرز اسم المغربي – الفرنسي أيوب بوعدي مع ليل، وبات تحت مجهر الكبار.

وإزاء هذه الطفرة الفنية، فإن إحدى البطولات الكبرى تعدّ مفلسة. على رغم المكاسب غير المتوقعة البالغة 1.5 مليار يورو الناتجة من بيع 13% من شركتها التابعة لحقوق البث إلى صندوق “CVC Capital” الأميركي، وفائض صافٍ قدره 830 مليون يورو في مبيعات اللاعبين الموسم الماضي، فقد خسرت رابطة كرة القدم المحترفة (LFP) ما مجموعه ربع مليار يورو في الموسم الماضي 2023-2024.

تخشى الهيئة التنظيمية الفرنسية، DNCG، أن تصل الخسارة التشغيلية للدوري الفرنسي الأول إلى 1.2 مليار يورو هذه المرّة.

ويخفي سان جيرمان المملوك لصندوق الاستثمار القطري، عيوب البطولة الكبرى، فباستثناء أندية رين وموناكو وأولمبيك مرسيليا، فإنّ الوضع كارثي، إذ تواجه ثلاثة أندية في “ليغ 1” هي أنجيه ولوهافر ومونبلييه صعوبات مالية تهدد بالإفلاس مع نهاية الموسم الجاري، وكذلك ليون الذي تكبد خسائر بلغت 117 مليون يورو خلال الأشهر الستة الأولى من الموسم الحالي، بحيث يصارع النادي العريق لإيجاد حلول قبل أن ينتهي وجوده إدارياً في الدرجة الأولى.

ويعترف رئيس الاتحاد الفرنسي فيليب ديالو بأنّ الأزمة “ليست موقتة، بل هيكلية”، وتابع: “اعتمدت كرة القدم الاحترافية لعقود عديدة على نمو حقوق البث وسوق انتقالات نشط للغاية. هاتان السمتان الآن موضع تساؤل. حقوق البث في اتجاه تنازلي، وسوق الانتقالات قد بلغ حده الأقصى”.

اضطر بعض الأندية الفرنسية إلى بيع لاعبيها بسبب ضائقة مالية، بعدما بلغت في الأشهر السابقة قيمة قياسية بلغت 357 مليون يورو، مثل لاعب ريمس إيمانويل أغبادو المنتقل إلى ولفرهامبتون الإنكليزي، ومدافع لانس الأوزبكي عبد القادر خوسانوف الذي بات في مانشستر سيتي، وبأسعار تعد مخفوضة مما فاقم الأزمة.

وتقترب شبكة “دازن” الإنكليزية المالكة لحقوق بث مباريات “ليغ 1” من إنهاء عقدها مع رابطة الدوري بنهاية الموسم الحالي، بعد أشهر من التوترات والخلافات القانونية بين الطرفين، وذلك وفقاً لصحيفة “ليكيب”، إذ كانت قد رفضت دفع تعويض قدره 120 مليون يورو لرابطة الدوري لإنهاء عقد البث مبكراً. إلا أنّ التطوّرات الأخيرة كشفت أنّ الشبكة باتت مستعدة لدفع تعويض مخفوض تبلغ قيمته 100 مليون يورو في مقابل الخروج من الاتفاق مع نهاية الموسم.

وفي ضوء هذه المستجدات، تعتزم رابطة الدوري الفرنسي دراسة السوق بشكل عاجل؛ تمهيداً لإطلاق قناة تلفزيونية خاصة بها، تتولى إنتاج وبث مباريات الدوري ابتداءً من الموسم المقبل، في خطوة تهدف إلى تأمين استقلالية الرابطة وتحقيق مداخيل مستقرّة بعيداً من تقلبات الشركاء التجاريين، ما يجبرها على عقد اتفاقات جديدة مع بقية الشركاء الإعلاميين، بما في ذلك التخلي عن بعض الحقوق الحالية لصالح مشروع القناة الجديدة.

وتأتي هذه التحرّكات وسط حرص رابطة الدوري الفرنسي على الحفاظ على قيمة منتجها الرياضي في السوق الإعلامية، خصوصاً بعد الخلاف القانوني مع “دازن”، التي رفعت دعوى قضائية تطالب فيها بتعويضات بلغت 573 مليون يورو بسبب ما وصفته بـأنه “إخلال بالعقد” و”تضليل في البضاعة المقدمة”، إذ أنها بعيدة جداً من الوصول إلى مليون مشترك الذين كانت تحتاجهم لتعويض ما دفعته، إذ تنتشر القرصنة بشكل كبير، بحيث يتردد المشجعون في دفع 85 يورو شهرياً لمشاهدة جميع مباريات ناديهم في فرنسا وأوروبا، إذ تمتلك “كانال بلس” الشريك التاريخي للدوري الفرنسي، حقوقها.

تواجه رابطة الدوري الفرنسي تحدياً حساساً يتمثل في الحفاظ على استمرارية بث البطولة بجودة عالية، مع ضمان تدفق مالي منتظم للأندية، في ظل متغيرات سوق البث الرياضية السريعة التحوّل.

قبل أشهر، أعلن نادي بوردو العريق إفلاسه، ليهبط إلى الدرجة الرابعة، أمر كان بمثابة إنذار مبكر، إذ ثمة أندية تعاني الهشاشة ذاتها بسبب “الأزمة الهيكلية” التي تحدث عنها ديالو.