الحلم سبورت : بيدري ليس تشافي أو إنييستا.. هو بيدري الجديد فقط!

في الملعب، حيث ترتفع أصوات الأهازيج وصيحات التشجيع، ثمة لاعب يمشي بثقة غير معهودة، لا يرفع صوته، لكن العالم ينصت له. إنه بيدري.. ومن يكون غيره، ذلك الفتى الذي لا يركض خلف المجد لكنه يصنعه، ويمرر الكرة كأنه يكتب بيت شعر لا جدال عليه في قلب معركة عاصفة.

في كل لمسة يمر بها من بين الخصوم كما تمر فكرة عميقة بين الضجيج، لا تصرخ لكنها تُفهم. هو ليس صورة منسوخة من تشافي، ولا ظلًا لإنييستا، ولا امتدادًا لبوسكيتس. هو القصيدة التي تبدأ من حيث انتهت كل القصائد، وتجعلنا ننسى الوزن لنستمتع بالإحساس.

قال عنه النجوم والمدربين أشعار سُمع صداها في كل مكان، لكن أحدًا لم يصفه بما يكفي.. لأن بيدري ببساطة لا يُوصف، بل يُرى. هو النظام في قلب الفوضى، النور حين ينطفئ كل شيء، وهو الفتى الذي لا يبحث عن المرمى بل عن الكمال. يفكر بسرعة ويمرر بدقة، يضغط بذكاء، ويستعيد الكرة دون أن يعتذر.

هذا الفتى الذي لا يتجاوز عمره 22 عامًا يتقن ثلاث وظائف في آنٍ واحد: يُخرج الكرة من تحت الضغط كما كان يفعل بوسكيتس، يتحكم بإيقاع اللعب ويضبط التمريرات كتشافي، ويضيف لمسة الخيال والاختراقات الذكية على طريقة إنييستا. لكن الأهم أنه لا يُقلد أحدًا، بل يُنتج نسخة خالصة من نفسه، يقرأ المباراة كأنها كتاب مفتوح، ويفرض على خصومه احترامًا لا يمكن تجاوزه.

ولأن كل جيل يبحث عن خليفة الأساطير، جاء بيدري لا ليكون خليفة أحد، بل ليكون سطرًا جديدًا في كتاب لا يشبه ما قبله. لا تكرار في حضوره، ولا استعارة في أدائه. هو الأصل، والبقية حاشية. هو اللاعب الذي يُشبه فكرة لم تُكتَب بعد.

حين يُجمع عليك مدربون مثل مورينيو وفليك وفينجر، ويقارنونك بأعظم من مرّ في هذا المركز، ثم يقولون إنك أنت الأفضل، فاعلم أن ثمة شيئًا استثنائيًا يحدث.. بيدري ليس مجرد لاعب موهوب، بل هو لغة جديدة في وسط الملعب، لا تسير على قواعد من سبقه، بل تصنع قاموسها الخاص، وتفرض واقعًا جديدًا، فيه تتعدد الأدوار وتختزل في رجل واحد. هذا الرجل هو بيدري.

نتحدث فقط عن لامين يامال في كل مرة! لكنني أحب أن أشير نحو بيدري، بالنسبه لي بيدري لا يصدق، يتركني على ركبتي لأن علم لاعب الوسط يكمن بالقدمين والعقل.. وبيدري يمثلهم، كل شيء يفعله لا يصدق.

أرسين فينجر عن بيدري بعد مباراة إنتر ميلان وبرشلونة 3-3

لحظة سطوع نجم.. كان ميلاد نجم آخر

عندما كان بيدري في التاسعة من عمره، كان إنييستا يعلو منصات التتويج محتفلًا مع منتخب إسبانيا بكأس العالم الذي جلبه لـ لاروخا بهدفه الشهيرة، حينها كان الرسام البرشلوني الأكثر شعبية في إسبانيا والعالم، أكثر لاعب عبقرية في مركزه، لذا كان من الجريء جدًا أن تشبه طفل خجول وهادئ جدًا بإنه إنييستا القادم.

لكن روبن ديلجادو مدرب بيدري في طفولته مع فريق قريته الصغيرة في جزيرة تينيريفي واحدة من أكبر جزر الكناري التي نشأ بها الفتى، كان يُدرك ذلك منذ قديم الآزل، فكان يرى بأنه يملك موهبة اللعب البسيط وتقديم كل شيء في كرة القدم دون الحاجة للمراوغات والإفراط من الحركات المهارية التي يعشقها بعض اللاعبين حاليًا.

هو بالفعل يذكرك بإنييستا، البحث عن الحل البسيط، هذه موهبة ليست شائعة في كرة القدم، عندما كان في التاسعة من عمره كنت أقول ذلك دائمًا، فهو منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها علمت أنه يمتلك شيئًا مميزًا، أسلوبه في اللعب وكل شيء يفعله كان بسيط للغاية.

روبن ديلجادو مدرب بيدري في طفولته في فريق بتيغويستي

تحدث ديلجادو مع صحيفة “ذا أثليتيك” عندما انتقل بيدري إلى برشلونة مباشرة، مؤكدًا أن الطفل الذي ولد في نوفمبر 2002، الصدفة الكبرى أن العام الذي ولد فيه بيدري كان الظهور الأول لإنييستا مع الفريق الأول للبارسا، وكأنه يحمل جينات إنييستا دون قصد، فمثلًا تجده دائمًا متواضعًا جدًا مع زملائه واللاعبين المنافسين وجميع المدربين ومن حوله.. مثل إنييستا تمامًا.

ويحكي ديلجادو موقفًا حدث مع بيدري في التاسعة من عمره حين كان مدربه وقتها، سجل بيدري هدفًا رائعًا راوغ فيه العديد من اللاعبين وأنهى الكرة في المرمى بطريقة مثالية جدًا، ما جعل جميع من على الخط من المدربين واللاعبين في فريقه وفريق الخصم بما في ذلك المشجعين في المدرجات لم يتمالك أحد فيهم نفسه وقام بالتصبيق له!

يروي المدرب أنه بعد نهاية المباراة سأل بيدري كيف فعل ذلك، فما وجد إلا تواضع وبساطة من اللاعب الذي قاله له نصًا: ” لا أعلم حقًا، لقد خرجت مني بشكل طبيعي”، ما جعل ديلجادو يقول له: “لا يابيدري هذا ليس أمرًا طبيعيًا أبدًا”.

بيدري في عمر التاسعة، لم يكن يسعى لمراوغة اللاعبين وافتعال الحركات المهارية، فقط يفعل الشيء البسيط والصحيح، كان مختلفًا ببساطة؛ طريقة رؤيته لكرة القدم وفهمه للعبة وقدرته على إيجاد المساحات التي لا يراها غيره، والنضج الذي أظهره في مثل عمره، كل هذا أمر نادر جدًا في عالم كرة القدم.

روبن ديلجادو مدرب بيدري في طفولته في فريق بتيغويستي

عائلة برشلونية حتى النخاع

رغم ولادته في بلدة صغيرة تُدعى تيغويستي في جزيرة تينيريفي أحد أكبر حزر الكناري، إلا أنه ولد في عائلة برشلونية بإمتياز، فقد نشأ بيدري وهو يشاهد جده “فرناندو رودريجيز” يؤسس رابطة مشجعين رسمية لبرشلونة في الجزيرة، تلك الرابطة التي يُديرها والد بيدري حتى الآن مع صديق العائلة “أوسكار ليديسما”.

جد بيدري كان عاشق لكرة القدم من نوع آخر، حتى أنه كان رئيسًا لنادي كرة القدم المحلي لسنوات طويلة، كما أن والد بيدري كان حارس مرمى لفترة في هذا النادي، إلى جانب انتقاله لفترة مع فريق تينيريفي لكنه لم يلعب معهم بشكل أساسي.

الطريق إلى الجنة

بيدري وشقيقه الأكبر فرناندو تدرجوا في الفئات السنية لفريق تيغويستي، وديلجادو ظل مدربهما معًا طوال تلك الفترة، وبالرغم أن بيدري كان الأصغر سنًا من أخوه، إلا أنه أصبح محط أنظار الجزيرة.

“كنت أشاهد أناس يأتون إلى المباريات فقط لمشاهدة بيدري، أولياء أمور اللاعبين والفرق المنافسة كانوا يحملون له إعجابًا مختلفًا”

روبن ديلجادو مدرب بيدري في طفولته

يحكي ديلجادو عن تطور بيدري، مؤكدًا أن اللاعب ما كان يتميز فقط بطريقة المرواغة والتسجيل بل فهم السريع لإتخاذ القرارات الصحيحة داخل الملعب في كل لحظة، ما كان يثير فضول من بالملعب بالكامل، هذا شيء نادر أن تشاهده في طفل عمره 9 أو 10 سنوات، الجميع كان يُلاحظ بأنه يمتلك الموهبة، ورغم ذلك فكان متواضعًا وطبيعيًا جدًا.

في ذلك الحين، كان الجميع يشهد على نجاحات برشلونة تحت قيادة بيب جوارديولا وصنعه لجيل ذهبي وتاريخي حقق معه السداسية التاريخية، في وقت كان الجميع ينظر إلى ديفيد سيلفا وليونيل ميسي على أنه نجم طفولتهم كان لبيدري توجه آخر.

يحكي ليديسما صديق عائلة بيدري، أن الطفل كان دائمًا ما يتحدث عن إنييستا في طفولته، ويقول بأنه قدوته عندما يشاهده مع برشلونة في المباريات.. ما جعل طموح العائلة يكبر مع حلم بيدري الطفل ويفكرون أكثر في تحدي أكبر.

قررت عائلة الطفل بيدري أن ينضم هو وشقيقه إلى نادي شباب لاجونا، ورغم أنه كان أصغر عضو بالفريق، إلا أن المدرب وجد في موهبته الشيء الذي ينقصه في فريقه، ويقول ليدسيما عن هذا الانتقال: ” بيدري ما كان يريد الانضمام للفريق الجديد لأنه كان سعيدًا جدًا وسط زملائه في تيغريسي”.

وفي شباب لاجونا تحت 18 سنة، لم يمضِ الكثير من الوقت مع فريق الشباب حتى استدعاه الفريق الأول للمشاركة معهم بسبب أدائه ومهاراته، ومن الفريق الأول إلى منتخب جزر الكناري، ومن هنا بدأت أندية الليجا تلاحظه وتهتم بالتعاقد معه، حتى أن أدائه في تلك الفترة كان سر جذب لاس بالماس له لضمه.

ترددت أسرة بيدري كثيرًا في ذلك خوفًا عليه من الإصابات، لكن عرض لاس بالماس بالفعل أقنع العائلة سريعًا.

في صيف عام 2018، انتقل بيدري إلى أكاديمية “كاسا أماريا” للشباب التابعة لنادي لاس بالماس. وبعد عام واحد فقط، كأصغر لاعب في فريق تحت 18 سنة، كان مستعدًا للارتقاء إلى مستوى أعلى مرة أخرى.

“رأيته لأول مرة عندما كان عمره 15 عامًا، قررنا ضمه إلى الفريق الأول في لاس بالماس، لم نصدق ما كنا نراه أنه لاعبًا في هذا العمر وقادر على فعل ما كان يفعله! كنا نعلم بإمكانياته الهائلة لكن خفنا بعض الشيء لكونه لا يزال صغيرًا، لكن بمجرد أن رأيناه يتدرب ويشارك مع الفريق الأول أدركنا أنه لاعب استثنائي”

توني أوتيرو السكرتير الفني في لاس بالماس

وقع بيدري مع لاس بالماس أول عقد احترافي في مسيرته في يوليو 2019، لكن واجه الكثير من المخاوف التي كانت في نفوس المدرب والفريق التدريبي بسبب كونه ضعيف بدنيًا.

يقول أوتيرو لصحيفة “ذا أثليتك”: ” لاحظنا تأقلم بيدري جيدًا حتى أنه شارك في أول مباراة له ضد ماربيا ضد ألميريا، وكانت مباراة ودية، بسبب أدائه وقتها انضم بالفعل لمعسكر الفريق الأول، تلك المباراة أكدت لنا أن هذا الفتى يمتلك كل شيء ليصل إلى القمة”.

لم يحتاج بيدري الكثير من الوقت حتى يُقنع المدرب بيبي ميل لإشراكه في أول مباراة في الموسم مع لاس بالماس في الليجا بشكل أساسي، وقدم فيها أداء جيد جدًا رغم خسارة الفريق 1-0 ضد هويسكا.

وبعد أسبوع، صنع هدفًا للمهاجم المخضرم روبين كاسترو في تعادل 1-1 أمام مالجا خارج الديار، وفي الشهر التالي، سجل أول أهدافه في كرة القدم الاحترافية، مانحًا لاس بالماس أول فوز لهم في الموسم، على أرضهم أمام سبورتينج خيخون.

كان بيدري يلعب أسبوعيًا مع لاس بالماس. وسرعان ما أدركت الخصوم أن التهديد الإبداعي الأساسي للفريق هو ذلك الفتى النحيل في وسط الملعب، لكنه رغم ذلك أنهى الموسم بـ 4 أهداف و7 تمريرات حاسمة في 36 مباراة بالدوري، وساهم أدائه في استدعائه لمنتخب إسبانيا ضمن الفئات العمرية المختلفة، حتى أنه شارك في كأس العالم تحت 17 سنة في البرازيل.

عاصفة ثلج أبعدته عن مدريد!

“كان بيدري قريبًا جدًا من الانضمام إلى ريال مدريد. عندما كان لا يزال يلعب مع نادي لاجونا، جاءت العديد من الأندية إلى هنا، ديبورتيفو لاكورونيا، أتلتيكو مدريد، فياريال وأيضًا ريال مدريد. الكشاف الخاص ببرشلونة لم يكن مقتنعًا به في ذلك الوقت. لم يعتقدوا أنه لاعب مثير للاهتمام”

ليديسما صديق عائلة بيدري

يؤكد ليديسما لصحيفة “ذا أثليتك” أن كشافة ريال مدريد أخذت بيدري إلى هناك للاختبار، وقضى اللاعب أسبوعًا هناك لكن تساقت الثلوج بكثافة فلم يتمكن من خوض سوى حصتين تدريب فقط، قال له النادي حينها أنهم سيتواصلون لاحقًا معه لكن لم يحدث شيء بعد ذلك.

الطريف في الأمر أن بيدري حكى لهم أنه عندما ارتدى قميص ريال مدريد خلال الاختبار “لم يتعرف على نفسه حينها” لكونه مشجعًا لبرشلونة.

عائلة بيدري حينما رأت اهتمام كبير من أندية الليجا وتحديدًا الكبار، حاولت الاتصال ببرشلونة بأي وسيلة من أجل هذا الفتى الذهبي، ولإخبار النادي بأن بيدري برشلوني بالأصل وذاهب لاختبار في ريال مدريد، لكن لم يلتف لهم أي أحد من البلوجرانا.

قبل ابتسم الحظ، وهنا لا تدري الحظ ابتسم لبيدري أم لبرشلونة!. الخير كله جاء على يد “توني أوتيرو” الذي وقع مع بيدري في لاس بالماس، لكنه عمل أيضًا ضمن كشافة برشلونة لمدة عامين، تحدث وقتها مع القائمين على البنية التحتية للناشئين في النادي، ومن بينهم لاعب الوسط السابق خوسيه ماري باكيرو.

“اتصلت ببرشلونة لأكلم خوسيه ماري وأخبره أن يأتي لرؤية هذا الفتى، لأنه لاعب لبرشلونة — ليس بنسبة 100%، بل 1000%. قلت له: ‘عليك أن تأتي الآن، رغم أنه يبلغ 16 عامًا فقط، ولكن إذا أخذته الآن، فسيكون الأمر أسهل بكثير مما لو انتظرت عامًا آخر، لأنه سيكون حينها نجمًا بالفعل’. وخوسيه ماري أخذ بكلامي، وجاء إلى هنا، ورأى ذلك بنفسه خلال 10 دقائق فقط”

توني أوتيرو

وفي أوائل سبتمبر 2019، وبعد أن كان قد لعب فقط ثلاث مباريات مع الفريق الأول لنادي لاس بالماس، تم الاتفاق على انتقال بيدري إلى برشلونة في الصيف التالي 2020 مقابل مبلغ قدره 5 ملايين يورو، بالإضافة إلى متغيرات، من بينها حصول لاس بالماس على 15% من أرباح أي بيع مستقبلي.. لم يحظ هذا الاتفاق تغطية إعلامية ضخمة، لكن الجميع يعرف من هو بيدري الآن!

التفوق على أساطير اللعبة

مسيرة تشافي وإنييستا كانت مثيرة واستثنائية ومثالية للغاية لأن يصبحوا قدوة لأي لاعب وسط من بعدهم، فما بالك بلاعبي وسط برشلونة؟

قدم الثنائي الأسطوري آرثًا لـ برشلونة، وفي مسيرة مبهرة سجل إنييستا 57 هدفًا وتشافي 85 هدفًا، لكن بيدري جونزاليس الشاب ذو الـ 22 عامًا جاء في 193 مباراة سجل فيهم 25 هدفًا بمعدل تهديفي أعلى من الأسطورتين وصلت نسبته لـ 0.13 هدف لكل مباراة.

لكن تفوق تشافي (0.23) وإنييستا (0.20) على بيدري في معدل التمريرات الحاسمة في كل مباراة حيث صنع الأول 184 هدفًا، والثاني 135 هدفًا، بينما صنع بيدري 20 هدفًا بنسبة وصلت لـ (0.10) تمريرة لكل مباراة.

إنييستا وتشافي مقابل بيدري في مسيرتهم مع برشلونة

اللاعب	المباريات	الأهداف	معدل الأهداف/مباراة	التمريرات الحاسمة	معدل التمريرات/مباراة
أندريس إنييستا	674	57	0.084	135	0.20
تشافي	767	85	0.11	184	0.23
بيدري	200	26	0.13	21	0.10

أن تفهم ميسي = أن تصبح أسطورة جديدة

بيدري اعتاد تقديم لوحات إبداعية مميزة في الملعب بمختلف المباريات التي يشارك فيها مع برشلونة، ويكفي إنه من اللاعبين القلائل الذين نجحوا في أصعب التحديات على الإطلاق لأي لاعب كرة قدم، ألا وهو التفاهم مع ليونيل ميسي داخل الملعب.. شيء لم ينجح فيه لا جريزمان ولا كوتينيو.

ومع ذلك، تمكن بيدري من تطوير تفاهم سريع مع النجم الأرجنتيني، فقط النظرة كانت كافية لفهم الثنائي لبعضهما البعض، فالموسم الأول لبيدري مع برشلونة 20/21 شارك في 37 مباراة سجل 3 وصنع 3 آخرين، كان منهم هدفًا سجله ميسي.

ففي موسم 20/21،  كان ذلك في مباراة ريال سوسيداد، مرر بيدري 10 كرات إلى ميسي من أصل 31 تمريرة، بينما وجد ميسي بيدري 9 مرات في المقابل. وقد ظهر هذا الانسجام مجددًا في الفوز 3-0 على ريال بلد الوليد في الموسم ذاته، خصوصًا من خلال تمريرة الكعب الرائعة من بيدري التي تمت ترجمتها لهدف من ميسي والذي كان شاهدًا فيما بعد على احتفالهما الشهير المبهج معًا.

هنا نتذكر ما قاله صديق عائلة بيدري، ليديسما في حديثه مع صحيفة “ذا أثليتك” عن موسمه الأول مع برشلونة، مؤكدًا أن جميع من يعرفون بيدري يُدركون أنه لن يكتفِ أبدًا بما هو عليه وسيعمل دائمًا على تطوير نفسه وتحسين أدائه وأسلوبه في الإنهاء، إلى أن يصبح لاعبًا أكثر أهمية في برشلونة.

هو يقول إنه يريد التحسن في كل شيء. غالبًا ما يتحدث عن رغبته في تسجيل المزيد من الأهداف، وتحسين إنهائه، وتسديداته من مسافات بعيدة. لقد سجل أكثر مع لاس بالماس لأنه كان يسدد أكثر، لكنه دائمًا يقول إنه يشعر بسعادة أكبر عندما يصنع هدفًا بدل أن يسجله بنفسه. لكنه يدرك أنه يتعلم شيئًا جديدًا كل يوم، بوجوده بين أفضل اللاعبين في العالم.

ليديسما لـ”ذا أثلتيك في عام 2021

لغة الأرقام ربما دائمًا ما تقول شيء.. لكنها أبدًا لن ترسم لك لوحة من لوحات الرسام ولن تنقل لك معزوفة من معزوفات المايسترو، ولن تبهرك مثلما تشاهد بنفسك آية من آيات السحر التي يفعلها بيدري على أرضية الملعب في كل مباراة.

إحصائيات بيدري مع الأندية والمنتخب

الفريق/المنتخب	المباريات	الأهداف	معدل الأهداف/مباراة	التمريرات الحاسمة	معدل التمريرات/مباراة	المجموع (أهداف + تمريرات)
لاس بالماس	37	4	0.18	6	0.16	10
برشلونة	200	26	0.13	21	0.10	47
المجموع (أندية)	237	30	0.13	27	0.11	57
إسبانيا	32	2	0.06	3	0.09	5
الإجمالي العام	262	31	0.11	29	0.11	60

سحر بيدري وقانون جذب الكرة الذهبية

بطبيعة الحال، والشيء المتفق عليه من جميع مشجعي برشلونة، أن نسخة بيدري مع هانز فليك مختلفة تمامًا عن أي نسخة ظهر بها اللاعب مع أي مدرب آخر.

مع كل أرقام بيدري هذا الموسم وفوز برشلونة بالثلاثية المحلية، بات من أهم المرشحين لتحقيق الكرة الذهبية 2025.. وتحديدًا بعد فوز مواطنه الإسباني المخضرم رودري نجم مانشستر سيتي بالجائزة نفسها قبل عام في 2024، ما قد يفتح المجال مرة واثنين وثلاث أمام لاعبي خط الوسط كافة للفوز بجائزة الأفضل في العالم التي يعشقها الجميع.

قد يكون معظم منافسيه على الكرة الذهبية هذا العام ممن يسجلون الأهداف ويصنعون آلاف التمريرات الحاسمة، لكن بيدري يتفوق عليهم جميعًا في شيء واحد يجعل برشلونة يفوز في كل مرة.. عندما يضيق عليك الملعب بالكامل ولا تعرف من أي تخرج بالكرة مرر إلى بيدري.. عندما يتوقف عقلك ولا تعرف إلى من وأين ستمرر، انظر إلى بيدري وامنحه الكرة.. الحل دائمًا ستجده عن بيدري.

من الدفاع إلى الهجوم ستجد بيدري يُخرج الكرة من تحت الضغط كما كان يفعل بوسكيتس، يتحكم بإيقاع اللعب ويضبط التمريرات كتشافي، ويضيف لمسة الخيال والاختراقات الذكية على طريقة إنييستا.. لذا، نعم بيدري يستحق الكرة الذهبية إن لم يكن هذا العام فلا بد أن نشاهده وهو يرفعها ويحتفل بها أمام الجميع.

إحصائيات بيدري الدفاعية موسمًا بموسم:

الموسم	المباريات	التدخلات الناجحة	الصراعات الثنائية الناجحة	الاعتراضات	استعادة الكرة
2024/25	56	120	258	44	373
2023/24	34	34	100	17	116
2022/23	35	27	158	18	175
2021/22	22	23	100	12	120
2020/21	52	41	180	40	206

أكبر عدد اهداف سجلها بيدري فى موسم واحد عبر مسيرته

الموسم	عدد المباريات	عدد الأهداف
2021/22	22	5
2022/23	35	7
2024/25	56	6

أكبر عدد تمريرات حاسمة قدمها بيدري فى مسيرته

موسم 20/21	موسم 24/25
6 تمريرات حاسمة في 56 مباراة	8 تمريرات حاسمة في 56 مباراة

أكبر عدد مرات استعادة الكرة في الليجا موسم 24/25

هل تعلم أن لا يوجد لاعب في الدوريات الخمسة الكبرى وصل إلى هذا الرقم في الموسم الحالي (18 مرة استعادة الكرة في مباراة واحدة).

برشلونة ضد رايو فاييكانو (22 أبريل 2025)	برشلونة ضد سيلتا فيجو (19 أبريل 2025)
18 مرة	17 مرة

وضعنا خطة لإيقاف بيدري، لقد حاولنا! وقمنا بتحليل تحركاته وتمريراته، لكن لم يفلح شيء معه. يعرف كيف يدافع، وكيف يهاجم، من الممتع مشاهدته، لكنني لم استمتع اليوم.

إنييجو بيريز مدرب رايو فاييكانو

مدرب رايو فاييكانو إنييجو بيريز، عبر عن دهشته مما يقدمه بيدري جونزاليس مع برشلونة في خسارة فريقه 1-0 في الجولة 33 من الليجا ضمن مباراة تاريخية قدمها اللاعب، مؤكدًا بأنه حاول فهم ما يقدمه مع برشلونة هذا الموسم لأنه من أخطر عناصر الفريق الكتالوني، وحاول أيضًا تحجيم دوره في الملعب، لكن لم تفلح أي من كل تلك المحاولات أبدًا أمام سحر صاحب الـ22 عامًا.

عندما تحتاج إلى الهدوء مرر إلى بيدري!

بإعتراف من جميع زملائه في برشلونة، إذا أردت أن تهدأ الملعب ورتم اللعب، حاول إيجاد بيدري ومرر الكرة له وهو سيتولى الأمر على الفور.

يقول جول كوندي: “عندما امتلكنا الكرة، كانت هناك لحظات من الهدوء. بيدري منحنا الكثير منها. إنه يمنحك الحياة حقًا عندما تلعب بعشرة لاعبين. يساعدنا في إضاءة اللعب قليلًا. لذلك نحن سعداء جدًا بوجوده”

كادسادو يشاركه الرأي، حين قال: “عندما أواجه أي مشكلة في الملعب أمرر الكرة لبيدري”.

ومن الدفاع إلى الهجوم، رافينيا يرفع الشعار ذاته عن بيدري الهادئ داخل الملعب، ويقول: “لديه جودة لا تضاهى، عندما نشعر ببعض التردد نمرر له الكرة فيقوم بتهدئة المباراة، إنه أحد أهم اللاعبين في فريقنا، إن لم يكن الأهم. لا أرى فريقنا بدونه”.

وقال أيضًا بعد مباراة الكلاسيكو الأخير ضد ريال مدريد 4-3: “بيدري يستحق الحصول على رجل المباراة بعد كل مباراة نخوضها هذا الموسم”.

ليس إنييستا ولن يكون إلا بيدري جديد

تشافي يقول عنه: “من الممتع دائمًا مشاهدته يلعب، يذكرني كثيرًا بإنييستا”. أندرياس إنييستا بنفسه يقول عن بيدري: “إنه وحش، يلعب بطبيعته، يفكر بسرعة، يجعلك ترى كرة القدم سهلة، يستمتع.. النادي الذي يتواجد فيه مثالي بالنسبة له لإبراز إمكاناته الكاملة. لقد تم تأسيسه بشكل جيد للغاية. إنه لاعب مختلف. لديه بعض من مميزاتي ولكن يلعب بشخصيته”.

لاعب لم يتخطى الـ 22 عامًا من عمره، ويحمل فوق كتفيه مع كل لمسة آمال عريضة من كافة الجماهير ونجوم كرة القدم، حينًا يقولون أنه خليفة تشافي وتارة يقولون أنه إنييستا الصغير، والبعض يقول أنه يقوم بدورهما معًا إلى جانب بوسكيتس.

لم يسمع له أحد حين قال في أكثر من مناسبة أنه لا يُحب مقارنته بأسماء الأساطير، هو فقط بيدري ولن يكون تشافي أو إنييستا.. هو فقط نسخة جديدة من بيدري واحد فقط.

“رغم أن بيدري لا يزال أمامه طريق طويل، مجرد تحقيق نصف ما فعله إنييستا سيكون شيئًا رائعًا.. رغم أنه يُعجب بإنييستا كثيرًا، إلا أنه لا يحب المقارنات. هو يعرف أنه بيدري، ويجب أن يلعب بأسلوب بيدري”.

ليديسما صديق عائلة بيدري

الشخص الوحيد الذي فهم بيدري هو لويس إنريكي، يعرف أن لاعب كرة القدم يعيش حالة ضغط كبيرة إذا انتظرنا منه دائمًا أن يكون خليفة نجم ما، فأزاح عنه الحرج وأكد في تصريح تاريخي أن بيدري يفعل أشياء داخل الملعب لم يفعلها حتى إنييستا!

“لا يوجد لاعب عمره 18 عاما فعل ما فعله، ولا حتى أندريس إنييستا. مستواه ودوره في الفريق وقدرته على إيجاد المساحات وإمكاناته وشخصيته، لم أجد أبدا أي لاعب يفعل ما يفعله. هذا يخالف المنطق”.

لويس إنريكي أثناء بطولة يورو 2020، عن بيدري وهو في عمر الـ 18

العقل المدبر لـ برشلونة

الآن وبعد تتويج برشلونة بالثلاثية المحلية؛ الليجا – السوبر الإسباني وكأس ملك إسبانيا، تأتي التأكيدات من كل حدب وصوب بأن بيدري هو العقل المدبر في برشلونة، فهو الوحيد القادر على الخروج من أصعب المواقف في الملعب، ويمتلك قدر عالِ من التفكير بسرعة كبيرة تزيد من ثقة كل زملائه في الملعب.

بيدري قبل مجيء هانز فليك إلى برشلونة كان دائمًا ما يُقال عنه “الزجاجي” لكثرة إصاباته، ما جعل اللاعب نفسه يتحدث في إحدى المناسبات هذا الموسم بأن طبيعة جسده لا تتحمل الجلوس كثيرًا، هو عادة يُحب الحركة والجري والمشاركة بشكل دائم في المباريات، فالراحة تسبب له الإصابات! وهذا بالفعل ما عمل عليه هانز فليك مع فريقه الطبي، فأصبح من أساسيات تشكيلته طوال الموسم الأسطوري مع برشلونة.

أنا مندهش من قدراته الدفاعية، ولكن يبدو أنه قادر على ذلك، تراه في كل أرجاء الملعب لا يكل ولا يمل من طلب الكرات حتى تحت الضغط، بالنسبة لي هو أفضل لاعب في مركزه في العالم.

هانز فليك مدرب برشلونة

واستكمالًا لكونه العقل المدبر لبرشلونة الآن، يقول خورخي فالدانو عن بيدري ومهاراته داخل الملعب: “هو رجل غامر بالذكاء، يجدد حبنا للعبة، تكفيه نظرة ليأخذ الكرة بمشهد سينمائي، يأخذ بعين الاعتبار حركة زملائه وإمكانيتهم ليضعهم بأفضل المواقف، ينسى بأن هناك مرمى فيستمر بالتمرير بشكل مثالي ينفذه بجودة عالية”.

ويتابع: ” في وسط الفوضى، لاعب واحد يحافظ على النظام.. قادر على التعامل مع الكرة بكل دقة، وبالسرعة المناسبة، وبالاتجاه الصحيح. ربما ليس عبقريًا، ولكنه رجل يعتمد في تفوقه على الدقة في كل ما يقوم به، بالفعل بيدري استطاع أن يسيطر على الفوضى بحس استثنائي من الحكمة”.

أما جيرارد بيكيه فهو ربما يمثل كل مشجع لبرشلونة وهو يشاهد بيدري، فقال عنه: “إنه جيد بشكل فاضح، بيدري يمتلك قلبي حاليًا”.